• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .
              • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .
                    • الموضوع : المفهوم الإسلامي في المنظار الشيعي للإنسان .

المفهوم الإسلامي في المنظار الشيعي للإنسان

الإنسان روح وجسم:
إن كلمة الروح والجسم والنفس قد كثر استعمالها في القرآن والسنة, علما بأن تصور الجسم والبدن الذي يتم عن طريق الحس قد يكون أمرا بسيطا, إلا أن تصور الروح والنفس لا يخلو من إبهام وغموض.
أن الباحثين والمتكلمين والفلاسفة سواء من الشيعة أو السنة, لهم نظريات متفاوتة في حقيقة الروح, ولكن الروح والبدن من وجهة نظر الإسلام هما واقعيتان متضادتان, فالبدن يفقد خواصه الحياتية بالموت, ويضمحل بصورة تدريجية, ولكن الروح ليست هكذا, فإن الحياة أصالة للروح, وما دامت الروح في الجسم, فإن الجسم يستمد حياته منها, وعندما تفارق الروح البدن, وتقطع علاقتها به, لا يقوى البدن على القيام بأي عمل, إلا أن الروح تستمر في حياتها.
ومما يستنبط من تدبر الآيات القرآنية, وكلام أهل بيت العصمة (عليهم السلام) أن الروح الإنسانية غير مادية, ولكنها تنشئ نوعا من العلاقة والوحدة مع الجسم, إذ يقول اللّه تعالى في كتابه المبين:
((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا آخر)).
ويتضح من سياق الآيات, أن إوائلها تصف الخلقة المادية بشكلها التدريجي, وأواخرها عندما تشير إلى خلقة الروح أو الشعور والإرادة, فإنها تصفها بخلقة أخرى, تختلف عن خلقتها الأولى.
وفي آية أخرى, في الرد على من يستبعد ((المعاد)) أو ينكره يقول أن الإنسان بعد موته وتفتت أجزائه, وتمازجها مع أجزاء التربة, كيف تستعاد خلقته, ويصبح كما كان إنسانا كاملا؟ يقول اللّه سبحانه : ((قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون)) أي الأرواح تقبض على يد ملك الموت من أبدانكم, وتحفظ عندنا.
وفضلا عن هذا, فإن القرآن الكريم, يعرف الروح بصورتها المطلقة غير المادية, بقوله تعالى : ((ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)).
وفي آية أخرى من الذكر الحكيم, يتطرق إلى موضوع الأمر بقوله : ((انما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)) وبمقتضى هذه الآيات أن أمر اللّه تعالى في خلقته للاشياء لم يكن تدريجيا, ولم يكن محددا بزمان أو مكان, ولما كانت الروح أمرا من اللّه إذن فهي ليست بمادة, ولم يكن في كنهها خاصة المادة التي تتصف بالتدرج والزمان والمكان.

مبحث في حقيقة الروح من منظار آخر:
أن التتبعات العقلية تؤيد القرآن الكريم أيضا في موضوع الروح كل منا يدرك حقيقة من وجوده, والتي نعبر عنها بالـ((أنا)) وهذا الإدراك موجود في الإنسان بصورة مستمرة, وأحيانا ينسى بعض اعضاء جسمه من رأس أو يد أو سائر الأعضاء, وحتى جسمه كليا, ولكن يدرك الـ((أنا)) عندما يكون هو موجودا, وهذا ((المشهود)) كما هو مشهود, غير قابل للانقسام والتجزئة, ومع أن جسم الإنسان في تغيير وتحول دائم, ويتخذ أمكنة مختلفة له, وتمر عليه أزمنة مختلف إلا أن الحقيقة المذكورة وهى الـ(أنا) ثابتة في واقعيتها لا تقبل التغيير أو التبديل, وواضح إذا كانت مادة, كانت تتقبل خواص المادة, بما فيها الانقسام وتغير الزمان والمكان.
نعم أن الجسم يتقبل كل هذه الخواص, وبما أن هذه الخواص لها ارتباط روحي, فتنسب إلى الروح ولكن بالتأمل والتدبر يتجلى للإنسان, أن هذا المكان وذلك, وكذا هذا الشكل وذلك, وهذه الناحية وتلك, كلها من خواص البدن, والروح منزهة منها, وكل من هذه الصفات تنتقل إليها عن طريق البدن.
يسري هذا البيان في خاصية الإدراك والشعور على (العلم) والذي هو من مميزات الروح وبديهي أن العلم إذا كان يتصف بما تتصف به المادة, لكان تباعا يتقبل الانقسام والتجزئة والزمان والمكان.
وهذا المقدار من البحث إنما أدرج هنا على سبيل الإشارة, ولغرض استقصائه واستقرائه يستلزم الرجوع إلى الكتب الفلسفية الإسلامية.


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1631
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12