• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : من نحن في التاريخ .
              • القسم الفرعي : نشأة الشيعة .
                    • الموضوع : الذات والصفات لله عز وجل في الإسلام عند الشيعة .

الذات والصفات لله عز وجل في الإسلام عند الشيعة

لو نظرنا إلى الإنسان مثلا من زاوية العقل, سنرى له ذاتا, وهذه الذات هي عين إنسانيته الخاصة به, ويمتاز بصفات أيضا, وهذه الصفات التي تعرف كنه ذاته, فمثلا انه ابن لفلان, عالم قادر, طويل, جميل, أو صفات أخرى مغايرة.
فبعض هذه الصفات, كالأولى, لا تنفصل عن الذات, وبعضها الآخر, كالعلم مثلا, يمكن أن تنفصل عن الذات أو تتغير, وعلى أية حال, فان كلا من هذه الصفات, ليست بالذات, كما أن كل واحدة منها غير الأخرى.
وهذا الموضوع (الذات مغايرة للصفات, والصفات تختلف فيما بينها) خير دليل على أن الذات التي تتصف بصفة, والصفة التي تعين وتعرف الذات, كلاهما محدودتان ومتناهيتان, لان الذات إذا كانت غير محدودة وغير متناهية, لكانت تشمل الصفات وكذا الصفات كانت كل واحدة منها تشتمل على الأخرى, فتصبح في النتيجة كلها شيئا واحدا, فمثلا لو كانت الذات الإنسانية هذه تنحصر في القدرة, وكانت القدرة والعلم وكذا طول القامة, والجمال كل واحدة منها عين الأخرى, لكانت كل هذه المفاهيم لا تعدوا لمفهوم الواحد.
يتضح مما سبق, انه لا يمكن إثبات صفة (بالمعنى السابق) لذات اللّه عز وجل,لان الصفة لا تتحقق من غير تحديد لها, وذاته المقدسة منزهة من أي تحديد (حتى من هذا التنزيه الذي يعتبر في الحقيقة إثبات صفة له).
معاني صفات اللّه تعالى
نعلم أن في العالم كثيرا من الكمالات التي تظهر بشكل صفات, فهذه الصفات المثبتة متى ما ظهرت في شيء, تسعى في تكامل المتصف, وتمنحه قيمة أكثر, كما يتضح ذلك من مقارنة جسم حي كالإنسان مع جسم غير حي كالحجر.
مما لا شك فيه انه هذه الكمالات قد منحها اللّه تعالى, وإذا ما كان هو مفتقدا لها لما منحها (فاقد الشيء لا يعطيه), وجعلها تتدرج في طريق الكمال, فعلى هذا يجب أن يقال, وفقا لحكم العقل السليم, أن الخالق, يتصف بالعلم والقدرة وكل كمال واقعي.
وفضلا عن هذا, فان آثار العلم والقدرة وبالتالي آثار الحياة واضحة في نظام الخلقة.
وبما أن ذات اللّه غير محدودة وغير متناهية, فالكمالات هذه أن اعتبرت صفات له, فإنها في الحقيقة عين ذاته, وكذا كل واحدة منها هي عين الأخرى, وأما الاختلاف الذي يشاهد بين الذات والصفات, وبين الصفات نفسها فإنها تنحصر في المفهوم, وفي الحقيقة ليس هناك سوى مبدأ واحد غير قابل للانقسام.
فالإسلام يلزم متبعيه كي لا يقعوا في مثل هذا الاشتباه (المحدودية بالتوصيف, أو نفي اصل الكمال) ويضعهم بين النفي والإثبات ويأمرهم بالاعتقاد بان اللّه عالم لا كعلم غيره, وله القدرة, وليست كقدرة الآخرين, فهو يسمع لا بإذن, ويرى لا بعين, وهكذا.

مزيد من التوضيح في معاني الصفات:
الصفات نوعان: صفات كمال وصفات نقص فالصفات الكمالية كما اشرنا إليها معان أثباتية, تمنح المتصف بها قيمة وجودية أكثر, وآثارا وجودية أوسع, ويتضح ذلك من مقارنة موجود حي عالم قادر, مع موجود آخر غير حي, غير عالم وغير قادر, وأما صفات النقص, فهي صفات تغايرها.
عندما نمعن النظر في صفات النقص, نجدها بحسب المعنى منفية, تفتقر إلى الكمال, والى نوع من قيم الوجود, مثل: الجهل والعجز والقبح والسقم وأمثالها.
وحسب ما تقدم فان نفي صفات النقص تعني صفات الكمال, كما أن نفي الجهل يعني العلم, ونفي العجز يعني القدرة, ومن هنا نجد القرآن الكريم يثبت كل صفة كمالية للّه تعالى بشكل مباشر, وينفي كل صفة نقص عنه, كما في قوله تعالى: ((وهو العليم القدير, وهو الحي, لا تأخذه سنة ولا نوم, واعلموا أنكم غير معجزي اللّه)).
ومما تجدر ملاحظته أن اللّه تعالى واقعية مطلقة, ليس له حد ونهاية, فعلى هذا فان أية صفة كمالية تطلق عليه, لا تعني المحدودية, فانه ليس بمادة وجسم ولا يحدد بزمان أو مكان, ومنزه من كل صفة حالية حادثة, وكل صفة تثبت له حقيقة فهي بعيدة عن المحدودية وهو القائل: ((ليس كمثله شيء)).

صفات الفعل :
فالصفات (فضلا عما سبق) تنقسم انقساما آخر, وهي صفات الذات وصفات الفعل.
فالصفة أحيانا تكون قائمة بالموصوف, مثل الحياة والعلم والقدرة, فتتحقق هذه في الإنسان الحي القادر, ونستطيع أن نفترض إنسانا متصفا بهذه الصفات, فلو لم نفترض غيره, نرى تارة انه لا يتحقق بالموصوف فحسب, فإذا أراد الموصوف أن يتصف بصفة فلابد من تحقق شيء آخر, مثل الكتابة, الخطابة, الطلب, ونظائرها, لان الإنسان إنما يستطيع الكتابة عندما يتوفر لديه القلم والدواة والورق مثلا, ويستطيع أن يكون خطيبا عند تحقق مستمع, و يستطيع أن يكون طالبا عندما يتوفر المطلوب, ولا يكفي أن نفترض للإنسان تحقق هذه الصفات.
من هنا يتضح أن الصفات الحقيقية للّه تعالى (كما سبقت الإشارة إليه عين الذات) هي من النوع الأول وأما النوع الثاني, والذي يستلزم تحققه لشيء آخر, فان كل شيء غيره مخلوق له, ويأتي بعده في مرحلة الوجود, وكل صفة يوجدها مع وجوده, لا يمكن أن تعتبر صفة لذاته أو عين ذاته تعالى.
فالصفات التي يتصف بها تعالى عن تحقق الخلقة, هي الخالقية, الربانية, المحيي, والمميت, والرازق, وأمثالها, لم تكن عين ذاته, بل زائدة على الذات وصفات للفعل.
والمقصود من صفات الفعل هو أن تتخذ معنى الصفة من الفعل لا من الذات, مثل الخالقية, أي يتصف بهذه الصفة بعد تحقق الخلقة للمخلوقات, فهو قائم منذ قيامها (أي موجود منذ وجودها), ولا علاقة لها بذاته تعالى, كي تتغير من حال إلى حال عند تحقق الصفة.
تعتبر الشيعة صفتي الإرادة والكلام, والذي يفهم من معنى اللفظ (الإرادة بمعنى الطلب, والكلام بمعنى الكشف اللفظي عن المعنى) من صفات الفعل والغالبية من أهل السنة يعتبرونها بمعنى العلم, وصفات لذاته تعالى.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1628
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29