توسعت الشيعة خلال القرن الخامس حتى أواخر القرن التاسع بتلك النسبة التي كانت عليها في القرن الرابع وظهر ملوك اعتنقوا مذهب التشيع, فصاروا يدعون إليه.
رسخت الدعوة الإسماعيلية في (قلاع الموت) واستقرت في دعوتها قرنا ونصف قرن وسط إيران, وحكم السادة المرعشيون سنين متمادية في مازندران.
اختار الملك (خدابنده) وهو احد ملوك المغول مذهب الشيعة, وخلفه في الحكم ملوك من هذه الطائفة لأعوام متعاقبة, وساهموا في نشر وترويج هذه العقيدة, وكذا سلاطين (آق قوينلو) و (قره قوينلو), إذ كانت مدينة تبريز مركز حكومتهم, وكانت تنبسط سيطرتهم حتى فارس وكرمان, وحكمت الدولة الفاطمية في مصر لسنوات متعاقبة.
من أن العلاقة الدينية لأهل السنة بالملوك كانت متغيرة متفاوتة, و بعد سقوط الدولة الفاطمية و مجيء دولة الأيوبيين, تغيرت الظروف, و فقد الشيعة في مصر والشام الحرية الفكرية على الإطلاق, وقتل الكثير منهم.
منهم الشهيد الأول (محمد بن محمد الملكي) احد نوابغ الفقه الشيعي سنة 786 للهجرة في دمشق بتهمة التشيع.
وقتل أيضا الشيخ (شهاب الدين السهروردي) في حلب بتهمة الفلسفة.
فالشيعة خلال هذه القرون الخمسة, كانوا في ازدياد من حيث النفوس والعدد, وكانت الزيادة تابعة لموافقة ومخالفة السلاطين من حيث النفوذ والحرية الفكرية ولم يعلن في هذه الفترة في أية دولة إسلامية مذهب التشيع, مذهبا رسميا لها.
نهض شاب في سنة 906 للهجرة, وهو في الثالثة عشرة من عمره, من عائلة (شيخ صفي الدين الأردبيلي) المتوفى سنة 735 هـ وكان احد مشايخ الطريقة من الشيعة, نهض مع ثلاثمائة من الدراويش الذين كانوا من مريدي آبائه, وذلك لإقامة دولة شيعية مستقلة مقتدرة, فسار من مدينة (اردبيل) وشرع بفتح البقاع وإزالة نظام ملوك الطوائف في إيران, وبعد حروب دامية مع الملوك المحليين وخاصة مع ملوك (آل عثمان) الذين كانوا يحكمون الإمبراطورية العثمانية, استطاع أن يجعل من إيران دولة موحدة بعد أن كانت ممزقة, يحكم كل بقعة منها فئة خاصة, وجعل المذهب الشيعي, مذهبا رسميا لها.
وبعد وفاة الملك (اسماعيل ألصفوي) أعقبه ملوك آخرون من السلالة ذاتها, حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري, وكل من هؤلاء الملوك كان يؤيد المذهب الشيعي, ففي زمن (شاه عباس الكبير) والذي يعتبر ذروة القدرة لهذه السلالة, استطاع أن يوسع بقعتهم, فازداد عددهم فبلغت ضعف ما عليه ألآن في إيران (سنة1384 هـ)والفرقة الشيعية في القرنين ونصف القرن الأخير تقريبا, بقيت على حالتها في سائر البقاع الإسلامية مع بقاء الازدياد الطبيعي لها.
|