• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : حول القرآن الكريم .
                    • الموضوع : ضريبة الزكاة في القرآن .

ضريبة الزكاة في القرآن

لقد فرض الإسلام ضريبة على الاموال سماها بالزكاة واكد تشريعها القرآن في عدد من آياته، وقرنها بالصلاة في بعضها فقال: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)، وقد حذرهم من تركها تارة ورغبهم بأدائها أخرى ففي الآيتين 5 و 6 من سورة فصلت: (وويل للمشركين، الذين لا يؤتون الزكاة) وفي الاية 261 من سورة البقرة: (مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل اللّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة واللّه يضاعف لمن يشاء) ولم يبين القرآن الكريم الانواع التي تجب فيها الزكاة من الحيوان والحبوب، كما لم يبين مقدارها فيما تجب فيه. وقد بين الرسول للمسلمين جميع ذلك بصورة مفصلة وفي رواية البخاري أن النبي (صلى الله عليه واله) أمر بعد هجرته إلى المدينة بكتابة احكام الزكاة وما تجب فيه ومقادير ذلك فكتبت في صحيفتين وبقيتا محفوظتين في بيت أبي بكر وأبي بكر بن عمر بن حزم.
وقد حدد القرآن الجهات التي تصرف فيها هذه الضريبة مع أنها هي المورد الوحيد للدولة الاسلامية في عهد الرسول، إذا استثنينا ما كانت تدره عليهم بعض الغزوات من الغنائم احيانا، قال سبحانه مشيرا إلى الموارد التي تصرف فيها: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السبيل فريضة من اللّه)، وهي من اعظم ما فرضه الاسلام فائدة على المجتمع، لأنها كما تهيء للدولة الاموال اللازمة للدفاع والعمران والثقافة، وتقوم بجميع شؤونها، كذلك تخفف عن الفقراء والمحرومين ما يقاسونه من الآلام التي تبعث في نفوسهم الحقد على المنعمين والمترفين.
فنظام الزكاة في الاسلام كغيره من النظم التي شرعها الاسلام ووضع فيها الخطوط الرئيسية للتوازن بين الطبقات كي لا تجور إحداها على الاخرى فقد فرض على الاغنياء أن يقدموا من أموالهم قسما إلى الدولة، وهي بدورها تتولى صرفه في المصالح العامة وعلى الفقراء. . . في الوقت نفسه تتلاشى تلك الثورة النفسية التي يحدثها الفقر على الاغنياء المنعمين.
وقد تناول التشريع الاسلامي كل ما يحتاجه الانسان، حتى ما يحل له أكله، وما يحرم عليه من انواع الحيوان وغيره، وجاء في القرآن والحديث وصف الحلال بالطيب والحرام بالخبيث. قال سبحانه: (فكلوا مما رزقكم اللّه حلالا طيبا واشكروا نعمة اللّه عليكم ان كنتم إيّاه تعبدون), وقد بين القرآن الكريم ما يحرم وما يحل كما في الاية 144 من سورة الانعام: (قل لا اجد فيما أوحي الي محرما على طاعم يطعمه إلاّ ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسق أهل لغير اللّه به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم), والآية لبيان ما يحل من صيد الكلب وما يحرم. وقيل في سبب نزولها غير ذلك. ومهما تكن اسباب نزولها، فهي تدل على حلية غير المحرمات التي ورد ذكرها في الآيتين السابقتين، كما تدل على حلية صيد الكلاب وغيرها من ذوي الجوارح إذا كانت معلمة ولم يدرك الصياد حياتها، والمراد بقوله مما امسكن عليكم هو ان يمسك الكلب وغيره من ذوي الجوارح لصاحبه لا لنفسه، وعلى الصياد أن يذكر اسم اللّه حين إرسال الكلب وغيره، والمراد بالمكلبين اصحاب الكلاب الذين يعلموهن الصيد، وقد ذكر الفقهاء في أحكام الصيد للكلب الذي يستعمل في الصيد شروطا غير ذلك.
وبعد أن ذكرت الآية 144 من سورة الانعام ما يحرم اكله، اباحت للمضطر ان يتناول من المحرمات عند المجاعة الشديدة بشرط أن يكون غير باغ ولا عاد وأن لا يكون مستحلا لها بقدر ما تندفع به الضرورة وتسد الحاجة. وإلى ذلك أشار بقوله غير باغ ولا عاد. وقوله سبحانه في آية اخرى: (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثمّ فإن اللّه غفور رحيم), والمراد من المخمصة هو ما يحدث من شدة الجوع في البطن من طي وضمور. وفي الاية 117 من سورة الانعام: (فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه إن كنتم بآياته مؤمنين). وفي الاية 118 من السورة المذكورة: (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه وان كثيرا ليضلون بأهوائهم) وفي هاتين الآيتين ما يدل على أن الذابح، عليه أن يذكر اسم اللّه عند الذبح، وكل ذبيحة لم يذكر عليها اسمه تعالى أو وصفه المختص به تكون ميتة بنظر الاسلام لا يحل أكلها إلاّ عند الضرورة والحاجة الملحة. وكما نصت الآيات الكريمة على حلية ما ذكر اسم اللّه عليه، فقد نصت على حرمة ما لم يذكر اسم اللّه عليه، قال سبحانه: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه وإنه لفسق وان الشياطين ليوحون إلى اوليائهم ليجادلوكم وإن اطعتموهم إنكم لمشركون), والنهي ظاهر في التحريم كما هو مقرر في محله من كتب الاصول، وقد جاء في سبب نزولها أن قوما من مجوسي فارس كتبو إلى مشركي قريش وكانوا من أوليائهم قبل الاسلام إن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون ما أمر اللّه. ثمّ يزعمون ان ما ذبحوه حلالا وما قتله اللّه حراما، فوقع ذلك في نفوسهم فنزلت الاية وسمى اللّه الطرفين بالشياطين كما أشار إلى ما وقع في نفوسهم بقوله ليوحون إلى اوليائهم، فنهى اللّه سبحانه عنه وأكد على المسلمين أن لا يسمعوا لقولهم، ووصف عملهم بالفسق، كما وصف إطاعة هؤلاء الذين يوسوسون لغيرهم ليتمردوا على أوامر القرآن ونواهيه بالشرك.
نظام الصدقات قبل الاسلام:
ويظهر من بعض الايات الكريمة ان العرب كان لهم نظام خاص في الصدقات فرضوه في اموالهم من الزرع والانعام، ولما جاء الاسلام بتشريعه الخالد غيّر ما كانوا عليه من نظام الصدقات وفرض عليهم ضريبة الزكاة، التي تؤمن للدولة ما تحتاجه من الاموال وللفقراء ما يسد حاجتهم من ضرورات الحياة، وكان نظام العرب قبل الاسلام في الصدقات، أنهم يجعلون في أموالهم جزءا للّه وجزءا للاصنام فما كان للاصنام انفقوه في سبيلها وما كان للّه إذا احتاجته أوثانهم أنفقوه عليها، وإذا زكا ما كان للاصنام، ولم يزك ما جعلوه للّه، لم يصرفوا شيئا من نصيب الاصنام في سبيل اللّه، لان اللّه غني عنه، وقد أنكرت عليهم الآية الكريمة هذا النظام الذي يرتكز على الشرك باللّه، قال سبحانه: (وجعلوا اللّه مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى اللّه وما كان للّه فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون), والمراد من شركائهم الاوثان التي جعلوا لها نصيبا في أموالهم، وفي آية اخرى أشار إلى الجهة التي كانوا يصرفون فيها نصيب الاوثان: (وقالوا هذه انعام وحرث حجر لا يطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون), فقد أشارت الآية الكريمة إلى الانعام والزرع الذي جعلوه لالهتم وأوثانهم وهو لا يحل عندهم إلاّ لمن قام بخدمة الاوثان من الرجال، كما أشارت إلى الانعام التي حرموا على أنفسهم ركوبها وهي الاصناف الاربعة التي ذكرت في الاية الكريمة: (ما جعل اللّه من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على اللّه الكذب), والمراد من البحيرة هي الناقة التي أولدت خمس مرات وكان آخر ما أولدته ذكرا. وهذه يمتنعون عن ركوبها ونحرها ولا تطرد عن ماء ولا كلا ولا يركبها أحد حتّى ولو اعياه السير، والمراد من السائبة هي التي ينذر صاحبها إذا رجع من سفر أو برئ من علة أن يخلي سبيلها، وهذه تكون (كالبحيرة) لا تركب ولا تمنع من الماء والمرعى والوصيلة هي الشاة التي تلد ذكرا وانثى في بطن واحد، فإذا ولدت ذكرا واحدا ذبحوه لالهتم وإذا ولدت انثى فهي لهم، والحام هو الذكر من الابل فإذا انجبت الابل عشرا من صلب الفحل، ففي مثل ذلك يصبح كالسائبة لا يركب ولا يمنع عن شيء، وقيل في تفسير هذه الاربعة غير ذلك. وقد وصف القرآن عقيدتهم هذه بأنها افتراء عليه لانهم نسبوا ذلك إلى اللّه سبحانه، وأبطل الاسلام ما كان عليه بعضهم من تخصيص ما تلده الانعام حيا بالذكور وما تلده ميتا بالذكور والاناث، وتوعدهم على ذلك. وقد حكي عنهم ذلك في الاية 138 من سورة الانعام: (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وان يكن ميتة فهم فيه شركاء) وقد احتج القرآن على هؤلاء ووصفهم بالافتراء والكذب والتضليل، قال سبحانه: (ثمانية ازواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه ارحام الانثيين نبؤني بعلم إن كنتم صادقين، ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم ام الانثيين أما اشتملت عليه ارحام الانثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا ليضل الناس بغير علم إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين).
وعلى كل حال فقد احل الكتاب الكريم كل شيء عدا ما نصت على حرمته بعض الايات التي تقدم ذكرها، وقد توعد المشركين وأنذرهم بالخزي والعذاب الاليم، ان لم يرجعوا عن النظام الذي اتخذوه في الصدقات التي جعلوها لاصنامهم وأوثانهم، وأحل لهم ما حرموه على انفسهم ووبخهم على تخصيص ذكورهم بما تلده الانعام حيا، فالقرآن أحل للانسان الطيب وحرم عليه الخبيث، ومعلوم أن المراد بالطيب هو الذي لم يمنع عنه القرآن أو السنة الكريمة، والخبيث هو الذي نهى عنه الكتاب والحديث، وقد تعرضت السنة لكل ما يحل وما يحرم من انواع الحيوان، مرة بالتنصيص على بعض انواع الحيوان، وأخرى بوضع مبادئ عامة لتشخيص ما يحل وما يحرم من انواع الحيوان.

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1504
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12