• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : ردودنا على الماديين .
              • القسم الفرعي : العلم يؤيد الدين .
                    • الموضوع : المهدوية في الإِسلام ومستقبل العالم .

المهدوية في الإِسلام ومستقبل العالم

إنّ مسألة المهدوية في الإِسلام، وبالخصوص عند الشيعة، لها فلسفة كبيرة: إنّ الإعتقاد بظهور المخلص والمصلح، ليس بمعنى ظهوره في منطقة جغرافية معيّنة، أو لإنقاذ المسلمين فحسب: إنّه يظهر لإِنقاذ البشرية عموماً في العالم كله، وتغيير الأوضاع الحياتية للبشر، بما فيه صلاحهم وسعادتهم.
ربما يتخيّل البعض، بأنّه في عصرنا عصر العلم، العصر الذي تعرّف فيه الإِنسان على أسرار الأرض وحقائقها، وسخّرها؛ والآن يرتقي إلى السماء ليتعرّف عليها ويسخّرها، فلا تحتاج البشرية حينئذٍ للمدد الغيبي؛ إذ أنّه يصبح بذلك أكثر تكاملاً واستقلالية، فلا يحتاج للمعونة الغيبية، أو أنّه أقلّ احتياجاً لذلك؛ فإنّ العقل والعلم بالتدريج، سوف يملآن الفراغ، ويستجيبان لمثل هذه الاحتياجات والرغبات.
وإنما الخطر يهدّد البشرية لو شاعت الجهالة، فإنّ البشر بأيديهم الجاهلة الغبيّة، سيوفرّون عوامل فنائهم ودمارهم، وسيفقدون التوازن والتعادل في حياتهم، ولكن بعد أنْ استضاء العالم بنور العلم، فلا يهدِّه أيُّ خطر.
ومما يؤسَف له، أنْ يخطر مثل هذا الوهم الباطل في أذهان البعض، فإنّ المفاسد والأخطار والمتاعب، التي ظهرت في عصر العلم، ليست أقلّ منها في العصور السابقة؛ بل، أنها أكثر وأشدّ.
إنّنا في وهم كبير، حين نتصوّر، بأنّ الباعث على انحرافات البشر دائماً هو الجهل؛ وعلماء التربية والأخلاق، في مختلف العصور، قد بحثوا هذه المسألة؛ وهل أن الباعث والمنشأ لانحرافات البشر، هو الجهل فحسب؛ فحينئذٍ يكفي التعلّم والتعليم، لمقاومة هذه الانحرافات والقضاء عليها؟ أم أنّ الأمر ليس كذلك؟ بل، أنّ الجهل أحد العوامل المؤديّة للإنحراف، فإنّ أكثر الإنحرافات ناشئة، من عدم التعادل في الغرائز والميول، نتيجة الإستسلام للشهوة والغضب، أو طلب الجاه واللذّة؛ وبالتالي، فإنّها ناشئة في واقعها, من واقع عبادة النفس وعبادة المنفعة؟ ولا شكّ بأنّ النظرية الثانية هي الصحيحة.
ولندرُس، وضعية الغرائز البشرية في عصرنا الراهن، غرائز الشهوة والغضب، وحبّ الشهرة والمنصب واستغلال الإِنسان، واستثماره، وعبادة النفس والمنفعة والظلم والاضطهاد وغيرها؟ فهل هدأت هذه الرغبات والغرائز في ظلال العلم؟ لتحلّ محلّها روحُ العدالة، والتقوى، والعفاف، والصدق، وغيرها من القيم الرفيعة؟ أم أنّ الأمرَ على العكسِ تماماً؟
من الواضح: إنّ غرائز البشر أصبحت في عصرنا أكثر جنوناً من السابق؛ وأصبح العلم والفنّ آلات ووسائل بأيدي هذه الغرائز المدمّرة؛ وإنّ ملائكة العلم أصبحت خدماً لشيطان الشهوة، والعلماء وجنود العلم أصبحوا خدماً للسياسيّين، والباحثين عن المناصب، والذين يدعّون الربوبية في البشر.
أعتقد بأنّنا سوف لا نتردّد في القول: بأنّ التقدم العلمي، لم يكن له أيّ تأثير في غرائز البشر؛ بل، الأمر على العكس، لقد أصبح الإنسان أكثر غروراً، والغرائز الحيوانية أكثر اشتعالاً وضراوة؛ ومن هذه الناحية أصبح العلم الحديث أكثر عداوةً للإِنسان؛ أيْ: إنّ ذلك الشيء الذي هو أفضل صديق للإِنسان، أصبح من أشدّ أعدائه حقداً وعداوةً له؟ لماذا؟
إنّ علم الكهرباء، إنّما يكون مفيداً ومثمراً، فيما لو لوحظ في أيّ موضع يُستفاد منه، ولأيّ هدف؟ وكما يقول (سنائي) : إنّ المصباح يمكن الاستفادة منه، لقراءة كتاب، ويمكن الاستفادة منه للسرقة في الليل المظلم.
إنّ الإِنسان إنّما يستخدم العلم من أجل تحقيق أهدافه الخاصة، ولكن ما هي أهداف البشر؟ لا يتمكن العلم من تغيير أهداف الإِنسان، أو تغيير قِيم الأشياء في نظره، أوْ أن يجعل من مقاييسه إنسانيّةٍ عامّةٍ؛ فإنّ ذلك مهمة الدين فحسب؟ إنها وظيفة القوة التي تمتلك السيطرة على الغرائز والميول الحيوانية، وإثارة الغرائز الإِنسانية السامية فيه.
إنّ العلم يتمكن أن يسيطر على كل شيء، إلاّ الإِنسان وغرائزه، وإنّما الإِنسان هو الذي يمتلك القدرة في السيطرة على العلم، وتوجيهه الوجهة التي يريدها، والدين وحده، يتمكن أنْ يُمسك زمام الإنسان، ويضعه تحت اختياره وإرادته، ويغيّر في أهدافه وطموحاته.
يقول ويل ديورانت في كتابه (لذّات الفلسفة) حول الإِنسان في عصر السرعة ( أنّنا أصبحنا أكثر قدرة من حيث التكتيك، ولكننا فقراء في الأهداف).
فلا فرق بين اللإِنسان المعاصر وغيره، في أنّ كلاً منهما أسيرٌ لغضبه وشهوته؛ ولم يتمكّن العلم من تحريره، وإطلاق سراحه من هوى النفس؛ لم يتمكن العلم أنْ يغيّر من طبيعة أكثر من "حجّاج" وأكثر من "جنكيز"، وأمثالهما من مجرمي التاريخ؛ بل أنهم اليوم بأنفسهم يحكمون العالم ويسيطرون عليه، بتلك الطبيعة المجرمة نفسها، متقنّعة بقناع الرياء والنفاق والإزدواجيّة؛ بل، إنّهم أصبحوا أكثر قدرة وخبرة في الإجرام بواسطة العلم، لقد تبدّل السيف، إلى صاروخ يحمل القنابل المدمّرة الجهنمية.
مستقبل العالم:
بما أنّنا مسلمون، فإنّ الثقة والإطمئنان والتفاؤل بمستقبل البشرية تغمر قلوبنا، وأن كل ما يحدث في العالم، وإن بعثَ على الإِحساس بالخطر الهائل المخيف، وتوقّعه الخطر الذي يحمل الفناء والدمار للبشريّة، ويحوّل الكرة الأرضية إلى رماد، لتذهب أدراجَ الرياح جهود البشر كلها عبر آلاف السنين، لبناء الأرض وتعميرها.
ولكن، نحن المسلمين، رغم كل ذلك، نعتقد إعتقاد اً جازماً، أنه لابُدّ أنْ تدوم الحياة ويعيش الإنسان، بعدنا سنين متمادية، وربما ملايين السنين، ولا تفني بمثل هذه البساطة.
نعتقد، بكل ثقة واطمئنان، أنه سيولد بعدنا الكثير من المسلمين، يعيشون في هذه الحياة ويرحلون، فلا يخطر في أذهاننا هذا المصير الرهيب لعمر العالم، وهو انتهاء عمر الإِنسان وعمر الأرض.
إن تعاليم الأنبياء قد بعثت في نفوسنا الأمان والإِطمئنان؛ وفي الواقع إنّنا نؤمن في أعماق قلوبنا، بالإِمدادات الغيبية.
فإذا قيل لنا: إن هناك مذنّباً عظيماً، يسير بسرعة هائلةٍ جنونيةٍ في الفضاء، وبعد ستة أشهر سيصل لمدار الأرض، ثم يصطدم بالأرض بقوة، ليحولها بلحظة واحدة إلى رماد، فإنّ ذلك لا يثير فينا الفزع والخوف، إنّ أعماقنا مليئة بالإِطمئنان والثقة، بأنّ حديقة البشرية الجديدة العهد بالتفتّح والإزدهار، لا تفنى بمثل هذه السهولة.
أجل.. كما أنّنا نؤمن بأنّ العالم لا يفنى بالمذنّب الطائر، أو بغيره من الحوادث الفضائية؛ كذلك نؤمن بأنّ العالم لا يفنى بيد البشر نفسه، بواسطة القوى المخرّبة التي صنعها الإنسان بنفسه، أجل إنّنا لا نصدق بذلك، بفضلِ الإِلهام المعنويّ، والمدد الغيبيّ، الذي اقتبسناه من تعاليم الأنبياء.
ولكن الآخرين هل يمتلكون مثل هذا الإيمان أم لا؟ هل تعرف نفوسهم هذه الثقة والإطمئنان والتفاؤل بمستقبل الإِنسان والأرض، والحياة والمدنية، والسعادة والعدالة والحريّة؟ كلا.
وبين الفينة والأخرى، نقرأ في الصحف، أو نستمع في أحاديث الزعماء؛ وقادة السياسة العالمية وخطبهم: للآراء المفزِعة حول المستقبل المخيف، الذي ينتظر البشرية.
فإذا لم نمتلك في أعماقنا ذلك الاعتقاد، الذي يبعثه الدين فينا، وفقدنا الإيمان بالمدد الغيبي، وأعتمدت أحكامنا على العوامل، والعلل الظاهرية فحسب؛ فلا بُدّ أنْ نعتقد بأنّ هؤلاء المتشائمين على حق في نظراتهم حول المستقبل البشري؟
لماذا لا نكون متشائمين؟ إن العالم الذي يتوقف مصيره، على زر يضغطه إنسان، وبعد ذلك تعمل الآلات المخرّبة عملها المخيف، التي لا يعلم مداها إلا الله؛ العالم الذي يقف على فُوَّهة بركان، وعلى ركامٍ هائل من البارود، وشرارة واحدة، تكفي لأنْ يشبَّ الحريق في العالم كله، فأين موضة التفاؤل بالمستقبل، ولماذا لا نكون متشائمين؟
يقول (رسل) في كتابه (الطموحات الجديدة):
(إنّ العصر الحديث، الذي تواءمت فيه الحيرة والذهول والقلق، مع الضعف والعجز؛ وقد شملت هذه الحالة التعيسة الجميع؛ فنرى بأنّنا نسير إلى حربٍ لا يرغب فيها أيُّ واحدٍ مِنّا، حرب يعلم جميعنا، بأنّها سوف تقذف بالقسم الأعظم من البشر إلى العدم والفناء؛ ونحن كالأرنب المذعور الذي يقف مصعوقاً أمام الحية، ننظر بفزع إلى الخطر الهائل الزاحف إلينا، ولا ندري ماذا نعمل لنوقفه عندَ حدّه.
ونسمع باستمرار حكايات القنابل المدمِّرة، الذرّية، والهيدروجينية، والمُدن التي سُوِّيت مع التراب بفعل هذه القنابل، ونسمع بخيول الجيش الروسي، ونتناقل فيما بيننا، أحاديث المجاعات، والجرائم الوحشية، لكن، رغم أنّ العقل يفرض علينا أن نرتجف من المستقبل المخيف، لأنّ جزءاً من وجودنا يلتذّ به، وبذلك يحدث جرح عميق في روحنا ويمزّقها إلى قسم سليم، وقسم غير سليم؛ ولكن، رغم ذلك، لا نتّخذ قراراً حاسماً للوقوف بوجهه).
ولكن هل يتمكن البشر أن يتخذ مثل هذا القرار الحاسم؟
ويقول رسل أيضاً: (إنّ تاريخ الإِنسان طويلٌ؛ ولكنه بالنسبة لعمر الأرض، قصيرٌ جدّاً؛ فإنّهم يعتقدون بأنَّ عمر الإِنسان، مليون سنة فحسب؛ ويعتقد الكثير ومنهم انشتاين، بأنّ الإنسان، قد طوى المراحل المقدّرة لحياته، ولا تمضي إلاّ سنوات قليلة، ليبيد نفسه، ويقضي عليها بقُدُراته العلمية نفسها).
إنّنا لو اعتمدنا على العوامل الظاهرية فحسب، للحكم ولتقييم الأشياء؛ فإنّ هذا التنبّؤ بدمار الأرض صحيح.
وإنّ الإِيمان المعنوي، الإِيمان بالإمدادات الغيبية، وإن للعالم رباً يحميه هو وحده الذي يحوّل هذا التشاؤم إلى التفاؤل، وهو الذي يخلق الإِطمئنان والإِيمان، بأن السعادة والتكامل، والحياة الإنسانية، والحياة الحرّة الكريمة، والأمن، هي التي تنتظر البشرية في المستقبل.
إنّنا إذا تقبلنا هذا التشاؤم، واعتقدنا بهذا المستقبل الرهيب، الذي يتنبّأ به هؤلاء فسوف يكتسب الوضع، هيئة مضحكة غريبة؛ فإن مثل البشر يكون كالطفل، الذي يأخذ بالنموّ، وحين يمتلك القدرة على إمساك
السكين، يمسكها، ثم يطعن بها نفسه وينتحر، ولم ينتفع من وجوده أبداً.
فإنهم يقولون، بأنه قد مرّ على عمر الأرض (40000) مليون سنة، ومرّ على عمر الإِنسان ما يناهز المليون سنة؛ فإذا فرضنا أنّ عمر الأرض سنة واحدة، وقد مرّ عليها ثمانية أشهر، لم يوجد فيها أيّ كائن حي، وفي الشهر التاسع ظهر أوّل كائن حيّ بصورة بكتيريا، أو جرثومة صغيرة، ذات خلية واحدة؛ وفي الأسبوع الثاني، من الشهر الأخير من هذه السنة، ظهرت الحيوانات الثديّة، وفي الربع الأخير، من الساعة الأخيرة، من اليوم الأخير من تلك السنة ظهر الإِنسان؛ وبعد مروره بمراحل التوحش والغابية، يأخذ بالتطور والتكامل، ويصل إلى الدقيقة الأخيرة من تلك السنة.
في هذه الدقيقة الأخيرة، تتفتق مواهب الإنسان واستعداداته، ويعمل العقل البشري عمله المثمر، وينتج هذا التمدّن العظيم؛ في هذه الدقيقة الأخيرة، يتمكن الإنسان أنْ يُثبت بأنّه خليفة الله.
ولكن إذا قلنا: بأنّ الإنسان في هذه الدقيقة الأخيرة، التي يصل فيها إلى هذا التقدم العلمي الكبير، يقضي على نفسه.
إذا قلنا: بأنّ الإنسان سيحفر قبره، بيد قدراته العلمية نفسها، وليس هناك إلاّ خطوات ويسقط في قبره؛ إذا كان هذا الانتحار الجماعي، هو المصير الذي ينتظر البشر فحينئذٍ لابُدَّ أن نقول بأنّ إيجاد مثل هذا الموجود وخلقه كان عبثاً وجِزافاً.
أجل.. إنّ الإِنسان المادي لا يفكر إلاّ بهذه الطريقة؛ وأما الإِنسان الذي نشأ وترعرع، في أحضان التعاليم الإِلهية، فإنّه لا يفكر بهذا الأسلوب؛ إنّه يؤمن بأنّ العالم لا يمكن أن يسقط، في أيدي حفنةٍ من المجانين، وهو يعتقد بأن العالم وإن وقف اليوم على حافة الخطر، لكن الله الذي أنقذ البشرية في العصور السابقة، بين فترةٍ وأخرى، وأرسل المصلح والمخلص من عالم الغيب، سيقوم بمثل هذا العمل في الظروف الصعبة التي تمرّ بها البشرية؛ بعد ذلك، هو يؤمن بأنّ أعمال العالم لا تصدر عبثاً، هو يؤمن بأنّ المصير الرهيب، والنهاية المفزعة التي يتصورها المادي لو تحقَّقت، فإنها تتنافى وحكمة الله وعنايته.
إذ مقتضى الحكمة والعناية ... ... إيصالُ كُلِ ممكنٍ لغاية
كلا، لم يصل عمر العالم لنهايته: فإنّنا لا زلنا في بداية الطريق، إنّ البشرية تنتظر الحكومة القائمة، على العقل والحكمة والخير والسعادة والأمن والرفاه والوحدة العالميّة الشاملة، الدولة التي يحكمها الصالحون، ويتحقق فيها انتخاب الأصلح بمفهومه الصحيح، إنه يوم السعادة والنور.
{وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}؛ إنه اليوم الذي يقول حوله الحديث الشريف: إذا قام القائم حكم بالعدل، ارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركانها، ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لصدقته ولا بره؛ وهو قوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
فبدلاً، من أنّ نجلس يائسين، ذاهلين، يمزّقنا القلق والتوتر؛ ونقول: بأنّه قد انتهى عمر البشر، ولم تبق إلاّ خطوات للقبر، الذي حفره الإنسان بيديه، وسوف تنقضي الأيام السعيدة.
بدلاً من ذلك كله، يجب أن نزرع التفاؤل في نفوسنا؛ فنقول: بأنّ هذا الظهور، كما في التجارب السابقة، التي مرّت عليها البشرية، لم يتحقّق إلاّ بعد الشدائد وإنّ الفرج يكون دائماً بعد الشدة، والبرق دائماً يبرق في الظلام.
يقول الإمام علي (عليه السّلام) حول ظهور المهدي الموعود:
 (حتى تقوم الحرب بكم على ساق، بادياً نواجذها، مملوئةً أخلاقها، حلواً رضاعها، علقماً عاقبتها؛ إلاَ وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها، على مساوي أعمالها وتُخرج الأرض له أفلاذَ كبدها, وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريكم كيف عدلُ السيرة ويحيي ميت الكتاب والسنة).
الإِمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) يتحدّث في هذه الخطبة، عن مستقبلٍ قاتمٍ رهيب، يتحدّث عن الحروب الوحشيّة؛ ولكنه، يبشّر بالفجر بعد هذا الليل المظلم؛ ويقول القرآن الكريم: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(الأنبياء/105).
أجل، إنّ هذه هي فلسفة المهدوية، ففي الوقت الذي ستحدث فيه الهزات الشديدة، والمذابح والجرائم، والمآسي الدامية؛ ولكن، رغم ذلك سيظهر الفجر، وستصل البشرية إلى الغد الذي يفيض سعادة، حيث سينتصر فيه العقل على الجهل، والتوحيد على الشرك، والعدالة على الظلم والسعادة على الشقاء، وهذه هي البشارة.
(اللهم إنا نَرغب إليك في دولةٍ كريمةٍ تعزّ بها الإِسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وتُرزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة).

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=1253
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29