• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : في صفات الله .
                    • الموضوع : صفات الله الفعلية .

صفات الله الفعلية

بسم الله الرحمن الرحيم

الصفة الاولى كون الله متكلّماً
إنّ القرآن الكريم يصفُ الله تعالى بصفة التكلّم إذ يقول: «وَكَلَّم اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً» «1».
وقال أيضاً: «وَما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكلِّمَهُ اللَّهُ إلّا وَحْياً أوْ مِن وَراءِ حِجابٍ أو يُرْسِلَ رَسُولًا» «2».
وعَلى هذا الأساس لاشكّ في كون التكلّم إحدى الصّفات الإلهيّة.
إنّما الكلام هو في حقيقة التكلّم وأنّ هذه الصِفة هل هي من صِفات الذات أم من صفات الفعل؟ إذْ مِنَ الواضح أنّ التكلّم بالشَكل الموجود عند الإنسان لا يجوزُ تصوّرُهُ في الحقّ تعالى.
وحيث إنّ صفَةَ التَكّلم ممّا نطق بها القرآن الكريم، وَوَصَف بها الله لَّه، لذلك يجب الرّجوع إلى القرآنِ نفسه لِفَهم حقيقته كذلك.
إنّ القرآن يقسّم تكلّم اللَّهِ مع عباده إلى ثلاثةِ أنواع، إذ يقول: «وَما كانَ لِبشَرٍ أن يُكلِّمهُ اللَّهُ إلّاوَحْياً أو مِن وَراء حِجابٍ أو يُرسِلَ رَسُولًا فيوُحِيَ بإذنِهِ ما يشاء إنّه عَليٌّ حَكيْمٌ» «3».
إذَن فلا يمكن للبشر أن يكلّمهُ اللَّه إلّامن ثلاث طرق:
1- «وَحْياً» الإلهام القلبي.
2- «أو مِنْ وَراءِ حِجابٍ» كأن يكلّم الله البشرَ من دون أن يراه كتكلّم الله مع موسى (عليه السلام).
3- «أو يُرسِلَ رسولًا ...» أي مَلَكاً يوحي إلى النبيّ بِإذنِ اللَّه تعالى.
ففي هذه الآية بَيَّنَ القرآنُ تكلُّمَ اللَّهِ بأنّه تعالى يوجدُ الكَلامَ تارةً من دون واسطةٍ، وَأحْياناً مع الواسطةِ، عَبر مَلك من الملائكة.
كما أنّ القِسمَ الأوّل تارةً يكون عن طريقِ الإلقاء والإلهام إلى قلب النبي مباشرةً، وتارةً بالإلقاء إلى سَمْعِهِ ومنه يصلُ الكَلامُ إلى قلبه. وعلى كلّ حال يكونُ التكلّم بِصُوره الثلاث بمعنى إيجاد الكلام وَهَو من صِفات الفعل.
إنّ هذا التَفْسير والتحليل لصفة التكلّم الإِلهيّ هو أحدُ التفاسير التي يمكن استفادتها بمعونةِ القرآنِ وإرشاده وهدايته.
وهناكَ تفسيرٌ آخرٌ لهذه الصفة وهو: أنَّ اللَّهَ اعتبر مخلوقاتهِ من كلماتِه فقال: «قُلْ لَوْ كانَ البَحْرُ مِداداً لِكَلماتِ رَبّي لَنَفدَ البَحرُ قَبْلَ أنْ تَنَفَدَ كَلِماتُ رَبِيّ وَلوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» «4».
فالمقصودُ من «الكلمات» في هذه الآية هو مخلوقات الله الّتي لا يقدرُ شي‏ءٌ غيرُ ذاته سبحانه على إحصائها وعدّها، ويدعم هذا التفسيرَ للكلمة وصفُ القرآن الكريم المسيحَ ابنَ مريم (عليه السلام) بأنّه «كلمه اللَّه» إذ قال: «وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إلى مَرْيمَ» «5».
إنّ الإمام أميرَ المُؤْمنين (عليه السلام) فسّر تَكَلّم اللَّه تعالى في إحدى خُطَبِه وأحاديثه بأنّه إيجادٌ وفِعلٌ، فقال: «يَقُولُ لِمَنْ أرادَ كَوْنَهُ «كُنْ»، لا بصَوتٍ يَقرَعُ، ولا بنداءٍ يُسْمَعُ وَإنّما كَلامُهُ سُبحانَه فِعلٌ منه، أنشَأهُ وَمَثَّله» «6».
فإذا كان الكلام اللفظيّ معرباً عمّا في ضمير المتكلّم، فما في الكون من عظائم المخلوقات إلى صغارها يعرب عن علم اللَّه تعالى وقدرته وحكمته.
الصفة الثانية كون اللَّه صادقاً:
ومن صفاته سبحانه «الصدقُ» وهو القول المطابق للواقع في مقابل الكذب الذي هو القول المخالف للواقع.
فاللَّهُ تعالى صادقٌ لا سبيلَ للكذب إلى قوله، ودليلُ ذلك واضحٌ تمام الوضوح، لأنّ الكذبَ شيمةُ الجَهَلة، والعَجَزة والجُبَناء. الله منزهٌ عن ذلك كُلّه. وبعبارة أُخرى؛ إنَّ الكذبَ قبيحٌ واللَّه منزهٌ عن القبيح.
الصفة الثالثة كون اللَّه حكيماً:
ومِنَ الصّفات الكماليّة الإلهيّة «الحكمةُ» كما يوحي بذلك تسميتهُ تعالى بالحكيم.
والمقصود من كون اللَّه حكيماً:
أوّلًا: أنّ أفعال اللَّه تعالى تتسم بمنتهى الإتقان والكمال.
ثانياً: أنَّ اللَّه تعالى منزّهٌ عن الأفعال الظالمة، والعابثة.
ويدل نظامُ الخلق الرائع العجيب على المعنى الأوّل حيث أُقيم صرحُ الكَون العظيم على أتّم نظامٍ وأحسن صورةٍ، إذ يقول:
 «صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شي‏ءٍ» «7». ويشهد بالمعنى الثاني قولُه تعالى: «وما خَلَقْنا السَّماءَ واْلأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا» «8». وهو أمرٌ يَدْعَمُه العلمُ والعقْلُ كلَّما تقدَّم بهما الزمنُ، وَوَقفنا على أَسرارِ الكونِ وقوانينه.
((1))النساء164
((2))الشورى51
((3)) الشورى51
((4))الكهف109
((5))النساء171
((6))نهج البلاغة الخطبة186
((7))النمل88
((8))ص27

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=12
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12