• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : في الانبياء .
                    • الموضوع : القرائن والشواهد على نبُوّة النبي صلى الله عليه و آله وسلم‏ .

القرائن والشواهد على نبُوّة النبي صلى الله عليه و آله وسلم‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إنّ جمع القرائن والشَّواهد يمكن أنْ تكون من الطُرُق الكفيلة بإثبات صدق دعوى الأنبياء، وها نحن نشير باختصار إلى القرائن الدّالة على صحَّة دعوى النبيّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم):
ألف: النبيٌّ الأكرم وسوابقُهُ المشرِقةُ:
كانت قريش تسمّي رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ابتعاثه بالرسالة «محمد الأمين» وتودع عنده أماناتِها الثمينة، وتستأمنه على أشيائها القيّمة.
وعندما حصل خلافٌ بين أربعة قبائل في وضع «الحَجَرِ الأسودِ» في موضعه بعد تجديد بناء الكعبة، رضي الجميعُ بأن يقومَ عزيزُ قريش‏ أي رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه المهمّة لكونه رجلًا صادقاً أميناً. «1»
ب: النَقاء من تلوّث البيئة الاجتماعية:
لقد نشأ رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) وترعرع في بيئةٍ لم يكن فيها إلّا الخمر والميسر ووأد البنات، وإقبارهن أحياءً، وإلّاأكل الميتة والظلم والغارة، ومع ذلك ورغم نشوئه وترعرعه في مثل هذه البيئة، كان إنساناً نقيّ الجيب، طاهِرَ السُّلوك، لم يُوصف بأي شي‏ء من الصفات الرَّذيلة، ومن دونِ أن يتلوَّث بأيّةِ لوثةٍ عقيديّة، وفكريّةٍ.
ج: محتوى الدعوة الإسلامية:
عندما نُلقي نظرةً فاحصة على محتوى دعوةِ النبي الأكرمِ محمّد (صلى الله عليه و آله و سلم) نراها تدعو الناس بالضبط إلى مخالفةِ كلّ ما كان رائجاً في تلك البيئة، ورفضه رفضاً مطلقاً.
إنّهم كانوا يعبدون الأوثان وقد دعاهم إلى التوحيد، ورَفض الأوثان.
إنّهم كانوا يُنكرون المعادَ، وقد دعاهُم إلى الإيمان به، واعتبره شرطاً من شروط الإسلام.
وكانوا يئدون البنات ويقبرونهنّ وهنّ أحياء، ولم يكن للمرأة أيّة قيمة، ولكنّه أعاد إليها كرامتها الإنسانيّة، ومنزلتها اللائقة بها، كأفضل ما يكون.
د: أدوات الدعوة ووسائلها:
إنّ الأدوات والوسائل التي استخدمها النبيُّ، لِنشر دعوته، واستعان بها لِنشر دينه، كانت إنسانيةً وأخلاقية تماماً.
فهو (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يستخدم أبداً الأساليبَ اللا إنسانية كقطع الماء على خصومه، أو تسميمه وتلويثه، أو قطع الأشجار وما شابه ذلك من الأساليب اللا إنسانية «2».
بل وأوصى بأن لا يُلحَق الأذى بالنساء والأطفال والعجائز وكبار السن، وان لا تُقطَع الأشجار، وان لا يُشرع في قتال العدوّ قبل الدعوة إلى الإسلام وإتمام الحجة عليه.
إنّ الإسلام يرفض رفضاً قاطعاً المنطق المكيافيلي القائل: «بأنّ الغاية تبرّر الوسيلة» وكمثال رَفَضَ اقتراح أحد اليهود لإخضاع العدوّ في وقعة خيبر عن طريق إلقاء السم في الماء.
إنّ حياة رسول الإسلام (صلى الله عليه و آله و سلم) زاخرة بقصص التعامل الإنساني النبيل مع الأعداء.
شخصيّةُ المؤمنين به وخصالُهم:
إنّ دراسة أفكار المؤمنين بالنبيّ، والمنضوين تحت لوائه، وأحوالهم وشخصياتهم يمكن أن توضح مدى صدقه وصحة دعواه.
فإنّ من البديهيّ أن الدعوة إذا تأثّر بها الشخصياتُ المتميزة في المجتمع فانضووا تحت رايتها، واعتنقوها بصدق وإخلاص، كان ذلك آية صدقها وصحتها ودليلًا على حقّانيتها، وواقعيّتها.
ولكن إذا التفَّ حولَه طلّاب الدنيا، وعُبّادُ المال والشهوة، كان ذلك دليلًا على ضعف ادّعائه.
لقد كان بين المنضوين تحت لواء رسول الإسلام شخصيات عظيمة في غاية النُبل والفَضيلة كالإمام عليّ (عليه السلام) وكسلمان، وعمّار، وبلال، ومصعب، وابن مسعود، والمقداد، وأبي ذر وغيرهم ممّن شهد لهم التاريخُ بالطهر والصفاء، وسموّ الشخصية، ونزاهة الأخلاق.
و: التأثيرُ الإيجابي في البيئة الاجتماعية، وتأسيسُ حضارة عظيمة:
إِنّ رسول الإسلام استطاع في مدة لا تتجاوز ثلاثاً وعشرين سنة أنْ يغيّر وضعَ الجزيرة العربية تغييراً جوهرياً.
لقد استطاع أنْ يصنع من قُطّاع طُرُق، وسَلّابين، أشخاصاً أُمناء، ومن عُبَّاد أوثان وأصنام، موحّدين بارزين، لم يَصنَعوا حضارةً عظيمة في محلّ سكونتهم فقط بل مدّوا حضارتهم الإسلامية الرائعة الفريدة، إلى مناطق أُخرى من العالم، كذلك.
فها هو جعفر بن أبي طالب عليه السلام من مسلمي صَدر الإسلام يؤكّد على هذه النقطة عندما قال في معرَض الإجابة على سؤال النجاشيّ الذي سأله عن أحوال النبيّ الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم):«أيّها المَلِك؛ إنّ اللَّه بَعَث إلينا رَسولًا مِنّا فَدعانا إلى اللَّه لِنوَحّدَه ونعبدَه، ونخلعَ ماكنّا نعبُدُ نحن وآباؤنا من دونه، من الحجارة والأوثان، وأمَرَنا بصدقِ الحديث ... وأمَرَنا بالصلاةِ، والزكاة وصلة الرَحم، وحُسن الجوار، ونهانا عن الفواحِشِ، وقولِ الزُّور» «3».
إنّ هذه القرائن، ونظائرها، يمكن أنْ تقودَنا إلى صدقِ قول رسول الإسلام وحقانيّة هدفه ..
إنّ من المحتم أنّ رجلًا بهذه الخصوصيّات لا يرتكب الكذِبَ أبداً، وفي النتيجة يجب أن يُقال: إنّه كان صادقاً في ادّعائه النبوّة، وارتباطه بعالم الغيب كما تؤيّد القرائنُ الأُخرى بالذات هذا الموضوع أيضاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السيرة النبوية لابن هشام ج1ص209.
(2) راجع الكتب التاريخية في هذا المجال.
3) السيرة النبوية لابن هشام ج1ص359-360.


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=59
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12