• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا على أهل الكتاب (النصارى) .
              • القسم الفرعي : في عقيدة التثليث .
                    • الموضوع : الحلول الإلهي في المسيح .

الحلول الإلهي في المسيح

بسم الله الرحمن الرحيم


ويرى النصارى أن بعض النصوص المقدسة تفيد حلولاً إلهياً في عيسى، منها قوله: "لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ، وأنا فيه" (يوحنا 10/38)، وفي موضع آخر " الذي رآني فقد رأى الآب...الآب الحال فيّ " (يوحنا 14/9-10)، ويبقى أقوى أدلة النصارى على ألوهية المسيح قوله: "أنا والآب واحد" (يوحنا 10/30).
فهذه النصوص أفادت - حسب قول النصارى - أن المسيح هو الله، أو أن حلولاً إلهياً حقيقياً لله فيه. حلول الله المجازي على مخلوقاته وقد تتبع المحققون هذه النصوص، فأبطلوا استدلال النصارى بها، وبينوا سوء فهمهم لها.فأما ما جاء من ألفاظ دلت على أن المسيح قد حلّ فيه الله - على ما فهمه النصارى - فإن فهمهم لها مغلوط. ذلك أن المراد بالحلول حلول مجازي كما جاء في حق غيره بلا خلاف، ونقول مثله في مسألة الحلول في المسيح. فالله - حسب الكتاب المقدس - يحل في كثيرين، أي حلول المواهب الإلهية، لا حلول ذاته العلية التي تتنزه عن الحلول في المخلوقات المحدودة، فقد جاء في رسالة يوحنا "من اعترف بأن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه، وهو في الله، ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه" (يوحنا (1) 4/15-16)، فحلول الله في الذين اعترفوا بالمسيح ليس بحلول ذوات، وإلا كانوا جميعاً آلهة. ومثله فإن الله يحل مجازاً في كل من يحفظ الوصايا ولا يعني ذلك ألوهيتهم، ففي رسالة يوحنا: "ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه، وهو فيه، وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا" (يوحنا (1) 3/24)، فليس المقصود تقمص الذات الإلهية لهؤلاء الصالحين، بل حلول هداية الله وتأييده عليهم. وكذا الذين يحبون بعضهم لله فإن الله يحل فيهم برحمته، لا بذاته "إن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا، ومحبته قد تكملت فينا، بهذا نعرف أننا نثبت فيه، وهو فينا" (يوحنا (1) 4/12-13). وكما في قوله عن التلاميذ: " أنا فيهم، وأنت في" (يوحنا 14 /19). ومثله يقول بولس عن المؤمنين: "فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم، وأسير بينهم، وأكون لهم إلهاً، وهم يكونون لي شعباً" (كورنثوس (2) 6/16-17)، ويقول: "وأما أنتم فجسد المسيح" (كورنثوس (1) 12/27)، فالحلول في كل ذلك مجازي. فقد أفادت هذه النصوص حلولاً إلهياً في كل المؤمنين، وهذا الحلول هو حلول مجازي بلا خلاف، أي حلول هدايته ومواهبه وتوفيقه، ومثله الحلول في المسيح، ومن زعم الفرق وجب عليه إحضار الدليل.كما تذكر التوراة حلول الله - وحاشاه - في بعض مخلوقاته على الحقيقة، ولا تقول النصارى بألوهية هذه الأشياء، ومن ذلك ما جاء في سفر الخروج "المكان الذي صنعته يا رب لسكنك" (الخروج 15/17)، فقد حل وسكن في جبل الهيكل، ولا يعبد أحد ذلك الجبل. وفي المزامير: "لماذا أيتها الجبال المسمنة ترصدون الجبل الذي اشتهاه الله لسكنه، بل الرب يسكن فيه إلى الأبد" (المزمور 68/16).

 

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=437
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 9