بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بولس الذي يعدّه النصارى من كبار الرسل الموحى إليهم; وعلى تعليمه اعتمادهم في النصرانية، وينسبون إليه كتاباً ورسائل يجعلونها من الوحي الإلهي ; يذكر عنه في الأصحاح الثالث عشر من كتاب أعمال الرسل، في العدد الثالث والثلاثين، أنه قال هكذا:" إذ أقام يسوع كما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك ".ولا يخفى على القارئ أنّ هذه العبارة جاءت في العدد السابع من المزمور الثاني من قول داود، هكذا: " أخبر الحقّ، الله قال لي: ابني أنت، أنا اليوم ولدتك " فداود يخبر في وحي المزامير أن الله قال هذا الكلام له، يعني أنه منحه النبوة والوحي ; ولأجل ما حصل لحياته من مجد النبوة والوحي كان ذلك اليوم كأنه يوم ولادته، بل هو اللائق بأن يعدّ أوّل أيام حياته. فيا للعجب من الانتهاب العلنيّ! هب أنّا فرضنا أنّ هذا الكلام غير صريح في كونه خطاياً لداود، ولكن متى كانت لعيسى ولادة حينما أوحي المزمور الثاني لداود؟! أليست ولادة عيسى من مريم متأخرة عن وحي المزامير بأكثر من ألف سنة؟! وأن ولادته النبوية متأخرة أيضاً عن ولادته من مريم بثلاثين سنة على ما تقوله الأناجيل؟! فمن أين يكون كلام المزمور الثاني مقولا في المسيح؟!!وجاء في رسالة العبرانيين، في الأصحاح الخامس، في العدد الخامس، ما نصّه: " كذلك المسيح لم يمجّد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك ". وإن كاتب الرسالة يريد بذلك ما ذكرناه عن المزمور الثاني لكي يحتجّ به على اليهود.. وقد عرفت الكذب في انتهاب ذلك من داود للمسيح! ولم تكتف رسالة العبرانيّين بهذا الانتهاب، بل قالت في الأصحاح الأول، في العدد الخامس، في الاحتجاج على اليهود لمجد المسيح وتفضيله على الملائكة بما جاء في كتبهم في العهد القديم، وهذا نصّ ما قالته: " لمن من الملائكة قال فيما مضى: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك ; وأيضاً: أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً ".فأما قول الرسالة أنّ قوله: "أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك " قد قيل في المسيح، فقد عرفت أنه كذب وانتهاب وغصب لحقّ داود وما قيل فيه. وأما دعوى الرسالة أنه قيل في المسيح أيضاً في العهد القديم:" أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً " فهو أيضاً كذب وانتهاب من سليمان! فقد تكرّر في نقل العهد القديم أن الله قال هذا القول في شأن سليمان بن داود، وهذا نصّه في الأصحاح الثامن والعشرين من أخبار الأيّام الأول، في العدد السادس من قول داود عن وحي الله: " وقال لي: إن سليمان ابنك هو يبني بيتي ودياري، لأني أخترته لي ابناً، وأنا أكون له أباً ". وفي الأصحاح الثاني والعشرين من أخبار الأيام الأول أيضاً، من العدد السابع إلى الحادي عشر، في خطاب داود مع سليمان بكلام الله لداود في شأن سليمان، هكذا: "لأنّ اسمه يكون سليمان، فأجعل سلاماً وسكينة في إسرائيل في أيامه، هو يبني بيتاً لاسمي، وهو يكون لي ابناً، وأنا له أباً ".ونحو هذا أيضاً جاء في الأصحاح السابع من سفر صموئيل الثاني، من العدد الثاني إلى الخامس عشر. فراجع المقامات المذكورة تجد هذا الكلام صريحاً في شأن سليمان وبنائه لبيت المقدس. ويا للعجب ـ مع هذه التصريحات ـ كيف يجترئ أحد من الناس وينتهب هذا الكلام من سليمان، ويجعله مقولا في المسيح عيسى بن مريم؟! فأين ومتى تكون الأمانة والاجتناب عن الكذب والانتهاب؟!!
|