• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : إشكالاتنا العقائدية على فرق المسلمين .
              • القسم الفرعي : في توحيد الله .
                    • الموضوع : ربهم له صورة فكيف يجيبوا عن هذا الاشكال؟ .

ربهم له صورة فكيف يجيبوا عن هذا الاشكال؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 من المعلوم ان السلفية اتباع ابن تيمية يثبتون صفة الوجه لله وهذا مما لا نزاع بينهم فيه واطبقت كلمتهم عليه ولا يهتمون بما يلزم من ذلك وان لزمت الجسمية واليك بعض اقوالهم فيلا ذلك:

1-قال ابن حجر: (وقال المازري غلط ابن قتيبة فاجرى هذا الحديث على ظاهره وقال صورة لا كالصور. انتهى وقال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت اسحاق ابن راهوية يقول: (صح ان الله خلق ادم على صورة الرحمن؛ وقال اسحاق الكوسج: سمعت احمد يقول: هو حديث صحيح. وقال الطبراني في كتاب السنة: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: قال رجل لابي ان رجلا قال ان الله خلق ادم على صورته - اي صورة الرجل - فقال كذب هو قول الجهمية. انتهى. وقد اخرج البخاري في (الادب المفرد ) واحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد عن ابي هريرة مرفوعا (لا تقولن قبح الله وجهك ووجه من اشبه وجهك فان الله خلق ادم على صورته وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك؛ وكذلك اخرجه ابن ابي عاصم ايضا من طريق ابي رافع عن ابي هريرة بلفظ (اذا قاتل احدكم فليتجنب الوجه فان الله خلق ادم على صورة وجهه) ولم يتعرض النووي لحكم هذا النهي وظاهره التحريم ويؤيده حديث سويد بن مقرن الصحابي (انه رجل لطم غلامه فقال: او ما علمت ان الصورة محترمة), اخرجه مسلم وغيره.)انتهى.
يقول البراك مدافعا عن ابن قتيبة: وما ذهب اليه ابن قتيبة رحمه الله تعالى من اثبات الصورة لله عز وجل وانها ليست كصورة احد من الخلق هو مذهب جميع اهل السنة المثبتين ما اثبته لنفسه وما اثبته له رسوله (صلى الله عليه وسلم) كما يقولون: له وجه لا كوجوه المخلوقين وقد دل على اثبات الصورة لله تعالى قوله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الطويل (وتبقى هذه الامة وفيها منافقوها فياتيهم الله في الصورة التي يعرفونه بها) وهو نص صريح لا يحتمل فلهاذا لم يخالف احد من اهل السنة في ذلك.
واما حديث (فان الله خلق ادم على صورته) فقد استدل به اكثر اهل السنة على اثبات الصورة ايضا وردوا الضمير الى الله تعالى وايدوا ذلك برواية (على صورة الرحمن) ومن رد الضمير الى ادم (عليه السلام) او المقاتل وقصده نفي الصورة عن الله تعالى فهو جهمي كما قال الامام احمد ...........................الى ان يقول: وبهذا يتبين ان اثبات الصورة لله عز وجل لا يتوقف على دلالة حديث (ان الله خلق ادم على صورته) ونقول: بل غلط المازري عفا الله عنه ولم يغلط ابن قتيبه. (البراك) انتهى(1).


2- (والثاني في قوله (على صورته ) يعود على الله بدليل ما جاء برواية اخرى صحيحة (على صورة الرحمن) وهو ظاهر(2).


3- واما ابن تيمية فيقول: (خلق ادم على صورته) وليس ليحيى بن مالك عن ابي هريرة في الصحيحين غيره.
والكلام على ذلك ان يقال :هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في ان الضمير عائد الى الله فانه مستفيض من طرق متعدده عن عدد من الصحابة وسياق الاحاديث كلها يدل عليه(3).

4- يقول الدبيخي: (القول الثاني: ان الضمير في قوله (على صورته) عائد الى الله تعالى وان اضافة الصورة الى الله تعالى من باب اضافة الوصف الى الموصوف وعلى هذا جمهور اهل السنة بل قال شيخ الاسلام ابن تيمية وهو ممن انتصر لهذا القول واطال الكلام جدا حول هذا الحديث هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في ان الضمير عائد الى الله فانه مستفيض من طرق متعدده عن عدد من الصحابة وسياق الاحاديث كلها يدل عليه(4).

5- ويقول ابن عثيمين: فإن قلت: هل كل ما جاء من كلمة الوجه مضافاً إلى الله يراد به وجه الله الذي هو صفته. الجواب: هذا هو الأصل كما في قوله تعالى: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } الأنعام / 52 ، { وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى } الليل / 19 – 21 ، وما أشبهها من الآيات .

فالأصل: أن المراد بالوجه وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته، لكن هناك آية اختلف المفسرون فيها وهي قوله تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } البقرة / 115 ..... فمنهم من قال: إن الوجه بمعنى الجهة لقوله تعالى: { ولكل وجهة هو موليها } البقرة / 148 .

فالمراد بالوجه : الجهة، أي: فثمَّ جهة الله أي فثم الجهة التي يقبل الله صلاتكم إليها.

قالوا: لأنها في حال السفر إذا صلى الإنسان النافلة فإنه يصلي حيث كان وجهه.

ولكن الصحيح أن المراد بالوجه هنا: وجه الله الحقيقي، إلى أي جهة تتجهون فثم وجه الله سبحانه وتعالى؛ لأن محيط بكل شيء، ولأنه ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن المصلي إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه، ولهذا نهى أن يبصق أمام وجه ؛ لأن الله قِبَل وجهه فإذا صليت في مكان لا تدري أين القبلة واجتهدت وتحريت وصليت وصارت القبلة في الواقع خلفك فالله يكون قبل وجهه حتى في هذه الحالة.

وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية والمعنى الأول لا يخالفه في الواقع.

وحينئذ يكون المعنيان لا يتنافيان(5).

6- عبد الرحمن بن ناصر البراك: يقول الإمام الطحاوي: (وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات). الى هنا قول الامام الطحاوي ويعلق عبد الرحمن بن ناصر البراك شارح الكتاب الذي هو من اتباع الشيخ بن تيمية : {وقوله والأركان والأعضاء الأدوات... لا حول ولا قوة إلا بالله عفا الله عن المؤلف وغفر الله لنا وله كيف ينفي الأعضاء عن الله سبحانه وتعالى}(6).

والذي دعاهم الى اثبات صفة الوجه لله وغيرها من الاعضاء نفيهم المجاز في اللغة :

يقول ابن تيمية: «فهذا التقسيم -اي تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز-هو إصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة، لم يتكلّم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم، كمالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي» ثم يقول: «أوّل من عرف أنّه تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى‏.

ويقول: «وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على‏ قولين، وليس النزاع فيه لفظيّاً، بل يقال: نفس هذا التقسيم باطل لا يتميّز هذا عن هذا، ولهذا كان كلّ ما يذكرونه من الفروق يبين أنها فروق باطلة... وقولهم: اللّفظ إن دلّ بلا قرينة فهو حقيقة وإن لم يدل إلّا معها فهو مجاز، فقد تبيّن بطلانه».

ونقول: «هذا التقسيم لا حقيقة له، وليس لمن فرّق بينهما حدّ صحيح يميّز به بين هذا وهذا، فعلم أنّ هذا التقسيم باطل، وهو تقسيم من لم يتصوّر ما يقول بل يتكلَّم بلا علم، فهؤلاء مبتدعة في الشرع مخالفون للعقل»«7».

ونحن وان كنا في غنى عن الرد لوضوح وجود المجاز في اللغة وهذه اللغة بين ايدينا ولكننا نذكر هذا الاشكال من باب المجاراة وهو اشكال ذكره الشيخ محمد ابو زهرة من علماء الازهر فيقول: ونننتهي من هذا إلى أن ابن تيمية يرى الألفاظ في اليد والنزول والقدم والوجه والاستواء على ظاهرها ولكن بمعانٍ تليق بذاته الكريمة وهنا نقف وقفة إن هذه الألفاظ وضعت في أصل معناها لهذه المعاني الحسية ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها وإذا أطلقت هذه الألفاظ على غيرها سواء أكان معلوماً أم مجهولاً فإنها قد استعملت في غير معناها ولا تكون بحال من الأحوال مستعملة في ظواهرها بل تكون مؤولة وعلى ذلك يكون ابن تيمية قد فر من التأويل ليقع في تأويل آخر وفر من التفسير المجازي ليقع في تفسير مجازي آخر}. وخلاصة اشكال الشيخ ابي زهرة انكم تنفون المجاز وترجعون مرة اخرى تثبتون الاعضاء لله فاما انى تلتزموا بنفي المجاز فيلزمكم الجسمية لان المعنى الحقيقي لهذه الالفاظ (الوجه واليد والرجل) هو الجوارح والاعضاء الجسمية واما ان لا تلتزموا بذلك كما تقولون هو وجه لا كالوجوه وهذا استعمال مجازي؟

بل اكثر من ذلك تجدهم اذا واجهوا اشكال كالمتقدم يفرون الى المجاز فهذا شيخهم بن عثيمين عندما يواجه قوله تعالى (كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه) يقول: وأما قوله تعالى : {كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} القصص / 88 ، فالمعنى : " كل شيء هالك إلا ذاته المتصفة بالوجه فيفسر الوجه بالذات ومن الواضح انه مجاز(9)."

___________________

(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني وعليه تعليقات عبد الرحمن بن ناصر البراك - المجلد السادس صفحة 393- كتاب العتق باب 20- الحديث 2559

(2) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء جمع وترتيب الشيخ احمد بن عبد الرزاق الدويش صفحة 369

(3) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية تاليف احمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني - الجزء السادس - صفحة373

(4) احاديث العقيدة المتوهم اشكالها في الصحيحين تاليف الدكتور سلمان بن محمد الدبيخي صفحة121

(5) شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ( 1 / 243 – 245 )

(6) (شرح العقيدة الطحاوية، ص141) تأليف فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، إعداد عبد الرحمن بن صالح السديس، دار التدمرية، الطبعة الثانية، سنة 1429هـ، الرياض

(7) الإيمان- فصل في أن دلالة الإيمان على‏ الأعمال حقيقة لا مجاز: 72- 80

(8) ابن تيمية حياته وعصره آراءه وفقهه، ص223

(9) شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ( 1 / 243 – 245 ).

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=150
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12