• الموقع : الأئمة الإثني عشر عليهم السلام .
        • القسم الرئيسي : عقائدنا (الشيعة الامامية) .
              • القسم الفرعي : معالم الايمان والكفر .
                    • الموضوع : الاجتهاد .

الاجتهاد

بسم الله الرحمن الرحيم

مصادر الفقه الشيعيّ الإماميّ (وهي عبارة عن الأدِلّة الأربعة: الكتاب والسُّنة والعقل والإجماع)، وتسمّى عمليّة إستنباط الأحكام الشرعيّة من هذه الأدلّة بشروطٍ خاصّة مذكورة في عِلم الأُصولِ بـ«الإجتهاد».
إنّ الشريعة الإسلاميّة حيث إنَّها شريعةٌ سماويّةٌ، ولا شريعة بعدَها قَط، وَجَبَ أنُ تلبّي كلَّ الحاجات البشرية في مختلف مجالات حياتها الفرديّة والاجتماعية. ومن جانِبٍ آخَر حيث إنَّ الحوادث والوقائع لا تنحصر فيما كان في زمن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فالتَطوُّرات المتلاحقة في الحياة تطرح احتياجات وحالات جديدة، تحتاج كل واحدة منها طبعاً إلى حكم شرعي خاصّ. وبالنظر إلى هذين المطلبين يكون فتح باب الاجتهاد في وجه الفقهاء على طول التاريخ أمراً ضروريّاً، إذ هل يمكن أن يكون الإسلام الذي هو شريعة إلهية كاملة ودين جامع أن يسكتَ في الحوادثِ الجَديدة الظهور، وأن يترك البشرية حائرة في منعطفات التاريخ والحياة، أمام سيل الحوادث الجديدة. كُلُّنا نَعلم بأنّ علماءَ «الأُصول» قَسَّموا «الإجتهاد» إلى قسمين «الإجتهاد المطلَق» و «الإجتهاد في مَذهَبٍ خاصٍّ».
فإذا اجتهد شخصٌ في مسلك أبي حنيفة الفقهيّ، وسعى إلى أن يحصل على رأيه في مسألة مّا، سُمِّيَ عَمَلُه بـ«الإجتهاد في المذهب». وأمّا إذا لم يقيّدِ المجتهدُ نَفسَه بمذهبٍ معيّن وخاصّ في المذهب وسعى إلى أن يَفهَمَ الحكمَ الإلهيَّ من الأدلّة الشرعيّة (سواءً وافق مذهباً ومَسلَكاً معيَّناً أو خالفه) دُعيَ ذلك بالإجتهادِ المطلق.
ولقد أُغلق بابُ الإجتهاد المطلق - وللأسف - في وجه علماء أهل السُّنّة«1»، وإنحصر اجتهادُهم في إطار المذاهب الأربعة خاصّة، وهو لاشك نوعٌ من تقييد عمليّة الاجتهاد، وتضييق لدائرته.
إنّ فقهاء الشيعة اجتهدوا على أساس الكتاب والسّنة والعقل والإجماع، وسعَوا إلى أن لا يتقيّدوا لإدراك الحقائق والمعارف الدينية بشي‏ء، الّا إتّباع الأدلّة الشرعيّة. ومن هنا انتج اجتهادُهم الحيُّ المتحرّك فِقهاً جامعاً، منسجماً مع الإحتياجات البشريّة المختلفة، المتنوعة، المتطوّرة باستمرار، وخلّف كنزاً علمياً عظيماً.
إنّ ما ساعد على إثراء هذا الفقه العميق المتحرّك هو المنع من تقليد الميّت، والحكم بتقليد المجتهد الحيّ، الذي يعرف بالمجتمع وبالزمان واحتياجاتهما، ومستجداتهما. إنّ الفقه الشيعيّ يوافق في أكثر المسائل نظريات الفقهاء من المذاهب الأُخرى، وإنّ مطالعة كتابِ «الخلاف» للشيخ الطوسيّ شاهدُ صدقٍ على ذلك، فقلّما توجَد مسألةٌ فرعيّة في الفقه الشيعيّ لا توافِق رأيَ أحد مؤسسي المذاهِبِ الأربعة، أو من سَبَقهم من الفقهاء، ومع ذلك فثمّت مسائل للفقه الشيعي فيها رأيٌ خاصٌ
(1) المقريزي: الخطط: 2/ 344

 


  • المصدر : http://www.12imam.net/subject.php?id=136
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 9