بسم الله الرحمن الرحيم
الثابت تاريخياً أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور كالأنبياء وغيرهم، وفي العهد الجديد نجد نصوصاً تبيح التعدد كالنص الوارد في رسالة بولس الأولى إلى تيموثأوس: ( فعلى الأسقف أن يكون منزها عن اللوم، زوج امرأة واحدة )(1), وهذا يعني أن اللوم على اكثر من واحدة خاص بالاسقف فلا يشمل كل الرعية والناس. وكذلك ما جاء في نفس الرسالة: ( ليكن الشمامسة كل بعل امرأة واحدة مدبرين أولادهم وبيوتهم حسنا )(2), وبهذا نستشف ان التعدد غير مباح للشماس أو المدبر في الكنيسة فلا يشمل بقية الناس والرعية.
والمسيح نفسه ضرب مثلاً في متى بعشرة من العذراى كن في انتظار العريس وأنهن لجهالة بعضهن لم يستطعن الدخول معه فأغلق الباب دون هذا البعض لأنهن لم يكن قد أعددن ما يلزم (3), فلو أن التعدد كان غير جائز عنده ما ضرب المثل بالعذراى العشر اللائي ينتظرن عريساً واحداً.
وكم طالبنا النصارى أن يأتوا بدليل واحد على لسان المسيح يمنع فيه التعدد فعجزوا، وكل ما يستدلوا به إنما هو تمويه وليس فيه ما يصلح للإحتجاج فنراهم يستدلون بما جاء في متى: ( وجاء اليه الفريسيون ليجربوه قائلين له هل يحل للرجل ان يطلق امرأته لكل سبب. فأجاب وقال لهم: أما قرأتم إن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا )(4).
في الحقيقة هذه العبارات ليس فيها منع التعدد، ولا نجد جملة واحدة تقول ممنوع التعدد أو لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة، وغاية الكلام هنا هو منع الطلاق وليس غير، وهذا ما سأله الفريسيون من البداية وهذا ما عناه المسيح (عليه السلام). فكما أن إتحاد الرجل بزوجته ليس حقيقياً بل مجازاً فكذلك من الممكن بكل سهولة أن يكون إتحاده بإمرأة أخرى ويصيرا جسداً واحداً أيضاً.
____________
(1) العهد الجديد: رسالة بولس الأولى إلى تيموثأوس 3 عدد 2.
(2) نفس الرسالة الآنفة الذكر: 3 عدد 12.
(3) متى: 25 عدد 1 - 11.
(4) متى: 19 عدد 3 و 4 و 5.
|