بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ حدَّ «الإيمان» و «الكُفر» من المباحث الكلاميّة والإعتقادية الهامّة جدّاً.
فالإيمان في اللُّغة يعني التّصديق و «الكُفر» يعني السَتر، ولهذا يُقال للزارع «كافر» لأنّه يستر الحبَّةَ بالتراب، ولكن المقصود من «الإيمان» في المصطلَح الدينيّ (وفي علم الكلام والعقيدة) هو الإعتقاد بوحدانيَّة الله تعالى، والآخرة ورسالة النبي الخاتم محمّد المصطفى )صلى الله عليه و آله و سلم).
على أنَّ الإيمان برسالة النبيّ الخاتِم يشمُلُ الإيمانَ بِنبوّة الأنبياء السابقين عليه، والكتب السّماوية السابقة، وما أتى به نبيُّ الإسلام من تعاليم وأحكام إسلاميّة للبشر من جانب الله أيضاً.
إنّ المكان الواقعي والحقيقي للإيمان هو قلب الإنسان وفؤادُه كما يقول القرآن:«أُولئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ»«1».
كما أنّه يقول لسُكّان البَوادي الذِين استسْلَمُوا لِلحاكميّة الإسلامية وسلطتها من دون أن يَدخلَ الإيمانُ في أفئدتِهِم:
«وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمانُ في قُلُوبِكُمْ»«2».
ولكنّ الحكمَ بإيمان الشخص مشروطٌ بأن يعبّر عن ذلك بِلسانه وإقرارِهِ اللفظي أو يُظهِرَه بطريقٍ آخر، أو لا يُنكر اعتقادَه به على الأقل، وذلك لأنّ في غير هذه الصورة لا يُحكم بإيمانِهِ كما قال:«وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ»«3».
في ضوءِ هذا يكونُ قد تبيَّنَ معنى «الكفر» وحدّه أيضاً، فاذا أنكر شخصٌ وحدانيّةَ الحقِّ تعالى، أو أنكرَ يومَ القيامة، أو رسالة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) حُكِمَ بكفره حتماً، كما أنّ إنكار أحد مسلّمات الدين المحمديّ وضروريّاته التي يكون إنكارها مستلزِماً لإنكار رسالةِ النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) بشكلٍ واضحٍ يجعلُ الإنسانَ محكوماً بالكفر أيضاً.
فعندما أعطى رسولُ اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) الراية لعلي (عليه السلام) لفتحِ قِلاعِ خيبر، وأخبرَ الناسَ بأن حاملَ هذه الراية سيفتح خيبراً، في هذه اللحظة قال الإمامُ عليٌ (عليه السلام) لرسول اللهِ (صلى الله عليه و آله و سلم): يا رسولَ الله على مَ أُقاتلهُمْ؟؟
فقال النبيُّ (صلى الله عليه و آله و سلم): «قاتِلْهُمْ حَتّى يَشهَدُوا أنْ لا إِله إلّا اللهُ وأنّ محمداً رسولُ الله، فإذا فَعَلُوا ذلك فقد مَنَعوا مِنْكَ دِماءَهُمْ وأموالَهم إلّا بحقها، وحسابُهم على الله»«4».
وسَأَلَ شخصٌ الإمامَ الصادق (عليه السلام) فقال: ما أدنى ما يكونُ به العَبدُ مُؤمِناً؟
قالَ (عليه السلام): «يَشْهَد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ مُحمداً عبدُهُ ورسولهُ، ويُقرّ بالطّاعَةِ، ويعرف إمامَ زمانِهِ، فاذا فَعل ذلكَ فَهُو مؤمِنٌ»«5».
__________
(1) المجادلة/ 22
(2) الحجرات/ 14
(3) النمل/ 14
(4) صحيح البخاري: كتاب الإيمان، 10؛ صحيح مسلم: ج 7، باب فضائل علي، 12
(5) بحار الأنوار: 69/ 16، كتاب الإيمان والكفر، نقلًا عن معاني الأخبار للشيخ الصدوق، وسند الحديث صحيح
|